عبد السلام بن عبد العالي، دار توبقال للنشر، الدار البيضاء، 2007، 78 ص.
هذا الكتاب هو مجموعة مقالات نشرها المؤلف على فترات زمنية مختلفة. سنقف هنا عند الأفكار الكبرى التي وردت به، دون التوقف عند كل فصل على حدة.
°- يقول الكاتب: لا يكفي أن "نعزو عجزنا عن فهم ما غدا عالمنا يعرفه من تحولات كبرى إلى عوامل إيديولوجية، ونقول إن ذلك راجع لانهيار النظام العالمي القديم وتفكيك المعسكر الشرقي، ولما أصاب منظومتنا الفكرية التي ركنا إليها لمدة غير قصيرة من ارتجاج. لا يكفي ذلك، مادام العجز يطال حتى الظواهر الطبيعية التي غدت عقلانيتنا التقليدية أمامها مندهشة إن لم نقل عاجزة".
ويستدل على ذلك بالكوارث الطبيعية التي نشهدها منذ مدة. لذلك، فهو يدعونا إلى أن "نعيد النظر في جهازنا المفاهيمي وفي المماهاة التي نضعها بين العقل والمنطق والتوازن والنظام".
°- في حديثه عن الحرب، يقول الكاتب: إن الذي يميز الحرب "في شكلها الجديد هو طابعها الغامض. فهي حرب ضد مجهول، حرب يطبعها المجهول...ثم هي أساسا حرب مع المجهول. فالعدو هنا لا يرى ولا يعرف، قد يتفاوض معه وقد يحاور، إلا أنه يظل مجهولا".
ويلاحظ هنا أنها حرب "لا تستهدف إلا ذاتها. فغالبا ما تنتهي العمليات التي تنطوي عليها دون تحقيق مطالب ولا وصول إلى غاية. فكأنما هي تحدث كي تحدث، تحدث لذاتها". ثم هي حرب مدن، إذ غالبا ما "نسمع عن مدن العراق مدينة مدينة أكثر مما نسمع عن العراق ذاته...وحتى عندما يعلن عن إمكانية وقوع عمليات إرهابية، فإن فكرنا ينصرف نحو لندن وروما وباريس وطوكيو ونيويورك أكثر مما ينصرف نحو بلدان بعينها".
بالمقابل، نسمع من يقول "كان علينا أن ندمر تلك المدينة إنقاذا لها". هذا التعبير يضمر شكلا من أشكال الإرهاب. بيد أنه "من غير المنطقي الحديث عن منطق الإرهاب، مادام الإرهاب هو بلا منازع مجال اللامنطق واللامعقول".
°- في حديثه عن الثقافة، يعترف الكاتب بحجم المعاناة الذي يعانيها المثقف اليوم "عندما يدرك البون الشاسع بين ما كان يعلقه على المستقبل وبين الخلل الذي وصلت إليه الأمور، حيث يعم احتقار الشعب والاستهانة بأبنائه، وحيث لا ينظر إلى الوطن إلا كمصدر للثروات".
ويلاحظ أن المثقف من قبل، لم يكن يطرح سؤال العلاقة بين المثقف والسلطة، "لكنه كان يعيش حركة ثقافية فعلية، حركة تشكل سلطة ضد السلطة، حركة مغروسة في المجتمع، تحلم بأحلامه وتفصح عن رغباته وتعبر عن مطامحه وتنطق لغته".
كانت الثقافة من هنا "عادات وسلوكات وأّذواقا، ولم تكن قط مهرجانات ومؤتمرات وندوات...وخير ما أسدته وزارة الثقافة لهذا الجيل هو أنها "لم تكن لتهتم بالثقافة، فلم تجعل منها شأنا مؤسسيا. لذا أخلت المكان للمثقفين ولإبداعاتهم ونضالاتهم الفكرية".